Kamoua National Park

Friday, July 01, 2005

رحلةٌ إلى القمّة...


قد يفكرّ كثيرون قبل أن يقصدوا جبال القمّوعة... والسبب هو بعد المسافة عن العاصمة بيروت، والطرق الوعرة نسبيّاً... لكن السبب الأهم لعدم زيارتها هو عدم معرفة ما يمكن أن يصادف المرء هناك ومدى روعة الجمال الذي يفجرّ في القلب أحاسيس يعجز الكلام عن وصفها...

نعم... وليس كما يعتقد كثيرون: هذه الغابات هي في لبنان... تخصّ كلّ لبناني... وهي رمزٌ وفخرٌ لكلٍّ منّا...

فمِن أشجار الصنوبر، إلى الشوح والجوز واللزاب,والعذر والأرز... خضارٌ يغطي الهضاب والتلال والقمم... وأرضٌ تكسوها أنواعٌ عديدة من الأزهار والنباتات...

ودون إطالةٍ للكلام، فالصور تحدِّث عن نفسها... وإن كانت الصور جزءٌ بسيط من واقع الجمال الفائق...

قررنا في ذلك اليوم الصيفي بامتياز سلوك طريق القمّة... مسافةٌ طويلة من الطرق الترابيّة تفوق الخمس عشر كيلومتراً... وعرة نسبيّاً، بدرجةٍ قاسية صعوداً في كثيرٍ من الأحيان...

والقمّوعة إذا ما صحّ القول هي أرض العجائب والمفاجئات... فإن كنت جالساً تراقب، فإنك تحسّ بالدنيا تتغيّر من حولك بخلطة من الألوان مع ضوء الشمس، والغيوم العابرة، والضباب الذي يحطّ رحاله بين الأشجار... وإذا كنت مارّاً وعدت من نفس الطريق فإنّك تفاجأ في أغلب الأحيان لدرجة الاعتقاد أنّك لم تمرّ من قبل في هذا المكان...

لكنّي لن أنكر بأن ما رأيناه إنّما يفوق ما قد تصوّرناه... وهذا ما ينسي في الحقيقة ما نحسّ من تعب... فعلى طول الطريق الذي يؤدي إلى الهيم (قمّة الجبل، الهرمية الشكل، وهذا اسمها المعروف في المنطقة، كما أنّها معروفةٌ بقمّة عروبا) ، وبينما ترتفع أكثر فأكثر، تصبح الغابات والقرى من تحتك صغيرةً جدّاً...

ما من مشهدٍ إلّا وتغمره الروعة، وعيناك في المقابل تبقيان منفتحتين إلى درجةٍ قصوى كي لا يفوتهما ولو تفصيلٌ صغير... وتبقى حالة التعجّب طاغية عليك منذ بدء المشوار الذي قد تتمنى ألّا ينتهي... وإن كنت أنا من يقول كلّ هذا، عليك التنبّه إلى مدى الجمال والتنوّع، مذكّراً بأني لا أفوت فرصةً منذ طفولتي وحتى اليوم إلّا وقضيتها في هذا المكان...

فهل أستطيع أن أصف الإحساس عندما تصطدم بجسمي غيمة؟... أم عندما أسير في طريقٍ فوق الغيوم؟... أم عندما أتعارك مع الرياح العاتية في الممرّات الجبلية الضيقة؟... أم عندما أعتقد أنّي أعرف مختلف أنواع الأزهار والأشجار والطيور والحشرات، فأجد في كلّ زيارة أنواعاً جديدة؟...

هل أستطيع أن اصف إحساسي وأنا أسير هناك مرتّلاً: " أراك إلهي أراك... في كلّ ما صنعته يداك... فأنشد فيك الهدى يا إلهي... ويملأ قلبي سناك..."؟...


Sassine El Nabbout MD.